مقاوم مراكشي بشهادة التاريخ يعيش خارج رحمة الدولة المغربية باقشيش : شاب آنذاك أسهم في تحرير المغرب من النظام الفرنسي ...والآن عجوز يجتر مرارة التهميش والحرمان
مراكش: اسماعيل البحراوي
-"يدك منك واخا مجدامة".. مثل شعبي مشهور يتناوله كل المغاربة كلما أرادوا مناصرة قريب ما وحمايته من أي مكروه وتغليبه عن الآخر حتى ولو كان ظالما لأنه جزء لا يتجزأ منهم ..ناهيك عن شاب عاش إبان فترة الاستعمار الفرنسي رفقة آخرين..؟ ذاقوا مرارة الحكرة والتهميش والحرمان ..حملوا على عاتقهم تحرير البلاد وإنصاف أهلها من ظلم الفرنسيين وجور الخائنين..سجنوا بتهمة الإخلال بالنظام العام على يد خونة ركعوا للنظام وخانوا البلاد وساروا اليوم مقاومين .. يا عجبا؟وهؤلاء ساروا عجزة مهمشين جياع ...
"باقشيش" المسمى بوجمعة الصباري من مواليد 1927 ينتمي إلى دوار الطوالب جماعة أولاد حسون التي تبعد عن مدينة مراكش بحوالي 16كلم,تزعم مجموعة من الشباب القروي آنذاك لمقاومة المستعمر الفرنسي ومحاربته وتحقيق العدل الاجتماعي لعائلاتهم المحرومة..أسس مكتبا بحقل المسمى"الشرعي" للتشاور فيما بينهم والتخطيط إلى عمليات التخريب والحرق وكل ما يلحق خسائر مادية ونفسانية بالمستعمر..كان شابا باسلا يشكل خطرا على الجهات المسئولة حيث أسهم في حرق كثير من المحاصيل وما شابه ذلك...
إلتقته جريدة الانتفاضة دون موعد ببيته الطيني المغطى بشيء من القصب الذي لا يصلح سوى لتربية البهائم وليس لمقاوم جاع وتعرى وعانى لإعلاء راية بلده ونصر ملكه.. إنه رجل لا يخلوا من شيء من الحرمان, تفحصك إليه كأنك تكشف وجوده..وتأملك فيه عسى أن تجد في ملامحه جوابا لتهميشه.. جلوسه طيلة الوقت بذلك البيت المقفر يكسر رتابة الزمن الخائن الذي أخذ منه الكثير, شبابه قوته شرفه,و ذكرياته التي طبع صفحاتها المستعمر بنار الحكرة والضرب والإهانة ...
تكاد تدمع عيونه وهي تقاوم رغبة جامحة لاحتضانه ورد الاعتبار لشجاعته التي دفعت به سجينا مكبل الأيادي ومغمض العينين إلى كوميسارية جامع الفنا.
بأمر من قائد الرحامنة الجنوبية اعتقل "باقشيش" بتهمة الإخلال بالنظام العام سنة 1955 تحت رقم 9307.وعن هذه التجربة يحكي لنا سجين مخضرم لا زال سجين الأمل:"كان تايجي عندي مكتب جيش التحرير والمقاومة هنا وكنت مقوموا من ليسانص وكل دوار تانعطيه 5 لترات.وكل ليلة تانشعلو العافية فدوار.
ونهار ابغاو يشدوني جات 25 كاميوا وجوج تجيبات..." لم يتنهد وهو يسرد قصة اعتقاله رفقة أصحابه كأنه يحكي قصة عاشها في الماضي القريب مع رفاقه الذين شهد لهم بصفة مقاوم من طرف اللجنة الوطنية للمقاومة وهم:
-الخباشي كبور بن احمد: مقاوم رقم 519325
-نمايو صالح بن حمو:مقاوم رقم 519739
-مهدب محمد بن عبد الله:506937
وشهدوا بدورهم سنة 1995 لزعيمهم "باقشيش"بصفة مقاوم وفي سنة 2000 شهد كذلك أحد رفاقه بأنه كان زعيما ومقاوما:
-عمر سيكوك
-عباس الصحري
-علال حاسين
أما سنة 2008 قد شهد أحمد بوزيان شيخ دوار الطوالب أثناء فترة الحماية حيث عاش كل مراحل اعتقال الزعيم باقشيش....
لكن المندوب السامي لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير سنة 1997 لا يرى فيه صفة مقاوم حيث قال له في رسالة نحتفظ بنسخة منها:"يشرفني أن أخبركم أنه سبقت دراسة هذا الملف من طرف اللجنة الوطنية للمقاومين فقررت رفضه لعدم اقتناعها بالحجج والوثائق الواردة...
توقيع:عبد الرحمان الصروخ"
عفوا سيدي المندوب يكفي ما سلف من الحجج والوثائق التي نتوفر عليها..وبناء على تصريح مسجل يصرح فيه "باقشيش" أن أحد أعضاء اللجنة الذي يدعى الحاج عمرو طلب منه قدر مالي لم يكن في استطاعته مده وربما هو الوثيقة الرابحة التي لم يكن يتوفر عليها لضمان صفة مقاوم يعاني مرارة التهميش والحرمان